كلمة السفير بمناسبة احتفال بالعيد الوطني 14/07/2019

،
سعادة السيد صلاح بن غانم ناصر العلي، وزير الثقافة و الرياضة،
سعادة السيد جاسم بن سيف احمد السليطي، وزير المواصلات و الاتصالات،
سعادة الفريق الركن حمد العطية، وزير الدولة ،
سعادة السفير ابراهيم فخرو، مدير المراسم،
أصحاب السعادة السيدات و السادة السفراء،
سيداتي و سادتي،

JPEG

منذ سنة، عند استلامي لمنصبي في الدوحة، قال لي عند استقبالي سعادة الشيخ محمد، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، في نبرة لا تخلو من مداعبة " أنا أشفق عليك، يا سعادة السفير، لأنّ العلاقة الثنائية وصلت فعلا الى مستوى امتياز قد يجعلك ذو حظّ طفيف في رفعها الى مستوى أعلى مما وصلت اليه".

كان حقّا قد تمّ آنذاك منذ فترة قصيرة استقبال سموّ الأمير في باريس، ستة أشهر بعد قدوم فخامة رئيس الجمهورية نفسه الى الدوحة، حيث كان وقتها رئيس الدولة الغربي الوحيد الذي أبدى، من خلال زيارته، بصفة ملموسة تعاطفه مع قطر ، في ظروف صعبة كانت تواجهها.
لقد كانت طبعا دعابة معالي الوزير وسيلة لتحفيزنا من الجانبين لكي يواصل بلدانا، تحديدا، المضي قدما معا. و هذا، حسب وجهة رأيي، ما قاما به، وفيان كلاهما تجاه الآخر للوعود التي تربطهما، من قبل حتّى استقلال دولة قطر.

فرنسا، من جهتها، بقيت عند التزامها خصوصا أنّها تدرك تماما التحديات التي تواجهها قطر - صديقتها و شريكتها و حليفتها- منذ سنتين: في ظروف معقّدة كهذه، لا يمكن لفرنسا أن تتصرّف بطريقة مختلفة عن قطر التي، على نحو صائب، تعتزم الحفاظ على ادارة توجهاتها من خلال منح نفسها كلّ سبل استقلاليتها، في حقبة اقليمية مثيرة للقلق و متقلبة. فرنسا تعي ذلك على أفضل وجه قياسا الى أنّها تطبّق هذه القاعدة على نفسها.

ستكون فرنسا سعيدة دائما بمرافقة قطر في مسار اكتفائها الذاتي، و الذي يمرّ تحديدا عبر تنويع اقتصادها و انفتاح المواهب القطرية على كلّ التخصّصات.
لقد تقدّمنا شوطا كبيرا منذ زيارة سموّ الأمير الى باريس:

-  استقبال معالي رئيس الوزراء، السيد ايدوارد فيليب، في زيارة رسمية، من طرف سعادة الشيخ عبد الله في 28 آذار، و في جلسة مع سموّ الامير، و كان ذلك مناسبة لتوقيع سبعة اتفاقات في مجالات ذات أهمية تشمل الأمن و الثقافة و الصحة و دعم تحضير كأس العالم لكرة القدم، التي نريدها أن تكون على غرار القطريين، متألقة النجاح.

-  سبق هذه الزيارة اطلاق مستوى من الحوار السياسي نصفه حاليا بالاستراتيجي، من طرف وزيري خارجية بلدينا، و الذي، مرتين على مدار السنة، يحدّد خطّة طريق أعمالنا المشتركة و يبحث طرق تنفيذها.

-  زيارة متبادلة من قبل وزيري الدفاع.

كمثال على ما حققناه على أرض الواقع معا: مؤسستانا الوطنيتان للمواد الهيدروكربونية، قطر للبترول و توتال- اكتشفتا معا و ستستغلان معا أحد أكبر حقول النفط في العالم، قبالة السواحل الجنوبية-الافريقية؛ و أناطت قطر الى المهندس المعماري الفرنسي الشهير، جون نوفال، بتصميم أحد أجمل المتاحف التي قام بتصميمها على الاطلاق في الحقبة المعاصرة، أي متحف قطر الوطني؛ و كذلك تدشين المترو الاوتوماتيكي الأكثر حداثة في العالم، الذي قدمت له المؤسسات الفرنسية الأكثر كفاءة حنكتها المميزة.

كما أنّ فرنسا سعيدة و فخورة بأن سمحت اقدمية علاقتها بأن توفّر لصديقتها قطر طائرات الرافال/العاديات في الوقت الراهن للمنطقة الذي وصفته أعلاه بحرج، و هي أفضل طائرة من جيلها، كسلاح لردع أيّ كان يرمي الى التشكيك في استقلالها و كوسيلة مثلى لحمايتها. و ستواصل فرنسا، على نفس منوال علاقة التعاون المعهودة، التأكّد من أنّ صديقتها قطر دائمة التزوّد بالإمكانيات التي تضمن سيادتها.

في نفس الوقت، لم تنقطع فرنسا بثبات عن تزويد نفسها بالأدوات اللازمة لتبقى البلد الرائد في التجديد و في المبادرة الذي تمثله، دائما بوسعها أن تقدّم للعالم حلولا فعّالة و ذات مصداقية. و قطر نظرت الى صديقتها فرنسا باهتمام، و أحيانا بتساؤل بشأن الطريقة التي أحدثت بها تحولات على نفسها.

في نظر أغلبية الفرنسيين، هناك قناعة فعلية بأنّ روح النشاط و التغييرات مثمرة، ضدّ حالة الجمود. و كمثال معبّر على ذلك أن فرضت فرنسا نفسها في 2018 كأوّل وجهة في أوروبا لاستثمارات الصناعة و البحوث و التنمية. وهذا ليس محض صدفة. انتاجية عمّالها هي الأعلى على المستوى الاوروبي، و نظام ضرائبها يزداد باستمرار جاذبية، و كبرى بناها التحتية العمومية و المستوى العالي لتكوين اطاراتها و مهندسيها يمثلون ميزة للمؤسسات. ليس من دون سبب اذن أن تمنحها قطر ثقتها، تحديدا من خلال خيارها الاستثماري فيها، قطر التي ترنو دائما الى كلّ ما هو أرقى و أفضل.

مثال آخر على تقاربنا يكمن في الفصل الثقافي الذي يبدي بوادر تألّق، على امتداد السنة المقبلة، من فرنسا الى قطر، و من قطر الى فرنسا.

اودّ أن أقول لكم، معالي الوزراء، الفخر الذي يشعر به ما يناهز 5500 فرنسيا، مقيمين في قطر، بتقديم الأفضل لديهم في خدمة صداقتنا، و امتنانهم لضيافتكم الحميمة.
عبر منحنا شرف حضوركم الكريم الليلة في احتفال اليوم الوطني الفرنسي، انتم تعطوننا شهادة اضافية على المشاعر الودية التي تربط أواصر العلاقة بين بلدكم و بلدنا، و لهذا وقع جدّ طيّب علينا.

لأبناء بلدي الأعزاء، أودّ أن أعبّر عن تقديري لجهودهم ضمن طموحاتنا المشتركة.
و الى مؤسساتنا، و من بينها تلك التي تساهم في رعاية و انجاح هذه السهرة بسخائها و أنا جد ممتن لها لذلك، أودّ أن أبدي لها ثقتي و اطلب منكم جميعا ايلاء الاهتمام العالي الى عروضها. هي سفراء آخرون لفرنسا.

عاشت الصداقة بين قطر و فرنسا!

عاشت قطر!

و عاشت فرنسا!

Dernière modification : 05/09/2020

Haut de page